سنتي الضائعة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

سنتي الضائعة

منتدى اسلامي على منهج حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم وسيرة صحابته رضوان الله عليهم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 آداب الدعوة فى الإسلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 248
تاريخ التسجيل : 06/06/2011
العمر : 49

آداب الدعوة فى الإسلام Empty
مُساهمةموضوع: آداب الدعوة فى الإسلام   آداب الدعوة فى الإسلام I_icon_minitimeالإثنين يونيو 06, 2011 12:37 pm


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
ثم أما بعد :-
الإخوة والأخوات .
كيف ندعو الآخر إلى ديننا الحنيف ؟
"ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ"النحل 125
يقول الإمام الشعراوى رحمه الله :-
لماذا تحتاج الدعوةُ إلى الله حكمةً؟
لأنك لا تدعو إلى منهج الله إلا مَنِ انحرف عن هذا المنهج، ومَنِ انحرف عن منهج الله تجده أَلِف المعصية وتعوَّد عليها، فلا بُدَّ لك أنْ ترفقَ به لِتُخرجه عما ألف وتقيمه على المنهج الصحيح، فالشدة والعنف في دعوة مثل هذا تنفره .
لأنك تجمع عليه شدتين:
1-شدة الدعوة والعنف فيها .
2-وشدة تَرْكه لما أحبَّ وما أَلِفَ من أساليب الحياة .
فإذا ما سلكتَ معه مَسْلَك اللِّين والرِّفق، وأحسنت عَرْض الدعوة عليه طاوعك في أنْ يترك ما كان عليه من مخالفة المنهج الإلهي.
ومعلوم أن النصْح في عمومه ثقيل على النفس، وخاصة في أمور الدين، فإياك أن تُشعِر مَنْ تنصحه أنك أعلم منه أو افضل منه، إياك أن تواجهه بما فيه من النقص، أو تحرجه أمام الآخرين؛ لأن كل هذه التصرّفات من الداعية لا تأتي إلا بنتيجة عكسية، فهذه الطريقة تثير حفيظته، وربما دَعَتْه إلى المكابرة والعناد.
وهذه الطريقة في الدعوة هي المرادة من قوله تعالى:
" بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ"
إنتهى.
و لا تنسوا إخوتى الكرام أمر الله بالجدال بالحسنى .
"وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ" العنكبوت 46

فعلينا أحبابى أن نوسع صدورنا رحمة ًو شفقة على هؤلاء الذين لا يدينون دين الإسلام.
ولك أن تضع نفسك فى مكانهم ماذا سيكون منك إن رأيت عقيدتك تهدم أمامك بهذا الشكل ؟!

بالتأكيد ستتجه إلى الدفاع عنها . و هذا حق أى نصرانى أن يفعله .
لكن ماذا إن لم تكن لديه الحجة - وهم طبعاً كذلك - ؟ سيتجه بالتالى إلى السب و اللعن .

فما هو ردنا فى هذه الحالة ؟
1-علينا أن نمتص غضبه قدر المستطاع .
2-ألا نجاريه فى السب و الإستهزاء حتى و إن كان من كتابه - حتى لا ننفره من الحوار -
3-ألا نغضب لأنفسنا أبداً ، و نجعل غضبنا لله و رسوله-بالرد على الشبهات دونما تجريح لشخص النصرانى-
4-الدعوة إلى الحوار بالحسنى .


لكن قد يقول قائل "إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ"

فنقول لا إنهم ليسوا هؤلاء هم من ظلموا لأنهم هكذا تربوا .... لكن من ظلموا حقيقة ً هم من يعلمون الحق جلياً و لا يتبعونه و يزيدون علينا كذبا ًوعدوانا .




قال تعالى " وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (108)"المائدة
يقول الإمام الشعراوى رحمه الله :-

وتتضمن هذه الآية الكريمة منهجاً ضرورياً من مناهج الدعوة إلى الله، هذه الدعوة التي حملها الرسل السابقون، وختمهم الحق برسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعلها سبحانه ختماً لاتصال السماء بالأرض؛ لذلك كان لابد من أن يستوعب الإسلام كل أقضية تتعلق بالدعوة إلى الله يحملها أميناً عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم،
والأمة المحمدية. التي شرفها الله سبحانه وتعالى بأن جعل فيها من يحملون أمانة دعوة الله إلى الخلق امتداداً لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فكل مسلم يعلم حكماً من أحكام الله مطلوب منه أن يبلغه لغيره؛ فرب مُبلَّغ أوعى من سامع.
حتى وإن كان الله لم يوفقه للعمل بما جاء فيما بلغ. فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، فإذا فاته أن يعمل فالواجب ألا يفوت من يعلم قضية من قضايا دينه ثواب البلاغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخلق، ولكن عليه أن يعمل ليكون قدوة سلوكية يتأسى به غيره حتى لا يقع تحت طائلة قوله تعالى: " كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ ".

وإن كان بعض الشعراء يلحون على هذه المسألة. فيقولون:وخذ بعلمي ولا تركن إلى عملي واجن الثمار وخلّ العود للنار
إذن فالبلاغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر ضروري، وهو امتداد لشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه بلغ صلى الله عليه وسلم عن الحق مراده من الخلق.
وبقي أن يشهد الناس الذين اتبعوا هذا الرسول أنهم بلغوا إلى الناس ما جاءهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:" وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً "[البقرة: 143].

إذن فكما أن الرسول سيشهد بأنه بلغنا، فمن صميم المنهج أن يشهد أتباعه أنهم بلغوا الناس، فإن حدث تقصير في البلاغ إلى الناس، فستكون المسئولية على من اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يؤد أمانة الرسول عليه الصلاة والسلام إلى الناس أجمعين.
ومنهج الدعوة منهج صعب؛ لأن الدعوة إلى الله تتطلب أن يأخذ الداعي يد الذين ينحرفون عن منهج السماء اتباعا لشهوات الأرض، وشهوات الأرض جاذبة دائما للخلق؛ لأنها تحقق العاجل من متع النفس. واتباع منهج الدين - كما يقولون - يحقق نفعا آجله، فهو يحقق - أيضا - المتعة العاجلة؛ لأن الناس إن تمسكوا بمنهج الله في " افعل ولا تفعل " يعيشون حياة طيبة لا حقد فيها، ولا استغلال، ولا ضغن ولا حسد ولا سيطرة، ولا جبروت، فيصبح الناس جميعا في أمان.

إذن فلا تقولوا إن الدين ثمرته في الآخرة بل قولوا ليست مهمة الدين هي الآخرة فحسب بل مهمة الدين هي الدنيا أيضا، والآخرة إنما هي ثواب على النجاح في هذه المهمة؛ لأن الله إنما يجازي في الآخرة من أحسن العمل في الدنيا.

ومن اتبع منهج الله كما قال الله " فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً " ومن أعرض عن منهج الله فإن له معيشة ضنكا. ويحدث ذلك قبل الآخرة، ثم يأتي يوم القيامة ليتلقى العقاب من الله:" وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمَى "[طه: 124].

فإذا كان الدين يأخذ بالناس من شهواتهم الهابطة إلى منهج الله العالي، فتكون مهمة الداعي شاقة على النفس،
ولذلك قالوا: إن الناصح بالخير يجب أن يكون لبقا؛ لأنه يريد أن يخلع الناس مما أحبوا وألفوا من الشر؛ لذلك يجب على الداعي ألا يجمع عليهم إخراجهم مما ألفوا بأسلوب يكرهونه بل لا بد أن يثير جنانهم ورغبتهم في اتباع المنهج، ولذلك جاءت هذه الآية: " وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّواْ اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ " [الأنعام: 108].

لقد قال الحكماء: النصح ثقيل فلا نرسله جبلاً ولا تجعله جدلاً، والحقائق مُرّة، فاستعيروا لها خفة البيان. والخفة في النصح تؤلف قلب المنصوح، وحسبك منه أن تخلعه عما ألف وأحبّ. إلى ما لم يتعود، فلا يكون خلعه مما ألف بأسلوب عنيف.
ولذلك يعلمنا الحق هذه القضية حين ندعو الخصوم إلى الإيمان به، وهؤلاء الخصوم يتخذون من دون الله أنداداً؛ أي جعلوا لله ومعه شركاء.
إنهم إذن إرادوا المتعة العاجلة بالابتعاد عن المنهج، ثم احتفظوا بالله مع الشركاء؛ لأنه قد تأتي لهم ظروف عصيبة، لا تقدر أسباب الأرض على دفعها، ومن مصلحتهم أن يكون لهم إله قادر على أن ينجيهم مما هم فيه. فهم لا يكذبون أنفسهم. والحق سبحانه هو القائل في مثل هؤلاء إن أصروا على الشرك:" إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ "[الأنبياء: 98].
حصب جهنم إذن هم المشركون ومعهم الأصنام التي كانوا يعبدونها وستكون وقوداً للنار التي يعذبون بها.
وبعض من الناس السطحيين يظن أن هذا عذاب للأحجار، لا، بل هي غيرة ونقمة وغضب من الأحجار على خروج المشركين عن منهج الله في توحيد الله.
فتقول الأحجار: لقد كنتم مفتونين بي ولذلك سأكون أنا أداة إحراقكم. إننا نجد المفتونين في الآلهة من البشر أو الآلهة من الأشجار أو الآلهة من الكواكب أو الآلهة يصيبهم الله بالعذاب، والأحجار التي عبدوها تقول كما قال بعضهم فيها شعراً:عبدونا ونحن أعبد لله من القائمين في الأسحار واتخذوا صمتنا علينا دليلا وغدونا لهم وقود النارللمغالي جزاؤه والمغالي فيه تنجيه رحمة الغفار

ولذلك يأتي الأمر بألا نسبّ ما يعبده الذين أشركوا بالله؛ لأن الأصنام لا ذنب لها، والواقع كان يقتضي أن تتلطفوا بالأحجار فهي لا ذنب لها في المفتونين بها.

والحق سبحانه وتعالى يعلمنا ويوضح لنا ألا نظلم المتَّخَذ إلها؛ لأنه مغدور، والسب هو ذكر القبيح، والشتم، والذم، والهجاء، إنك إن سببت وقبحت ما عبدوه من دون الله فإن العابد لها بغباوته سيسب إلهك فتكون أنت قد سببت إلها باطلا، وهم سبّوا الإله الحق، وبذلك لم نكسب شيئا؛ فانتبهوا.

ويحذرنا القرآن من الوقوع في ذلك في قول الله تبارك وتعالى: " وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّواْ اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ " [الأنعام: 108].
وهم سيفعلون ذلك عَدْواً وعدوانا وطغيانا بغير علم بقيمة الحق وقدسيته سبحانه وتعالى؛ لذلك يجب أن نصون الألسنة عن سب آلهتهم حتى لا نجرئ الألسنة التي لا تؤمن بالله على سب الله.

إن الحق سبحانه يريد أن يعلمنا اللطف في منهج الدعوة؛ لأنك تريد أن تحنن قلوبهم لتستميلهم إلى الإيمان ولن يكون ذلك إلا بالأسلوب الطيب.
صحيح أن المؤمنين معذورون في حماسهم حين يدخلون في مناقشة مع المشركين ولكن ليتذكر المؤمن القيمة النهائية وهي الخير للدعوة. وليسأل الله أن يرزقه الصبر على المشركين،

ويعلمنا الحق كيف نسير في منهج الدعوة، وعلى سبيل المثال نجد سيدنا نوحاً عليه السلام الذي لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما. وظل يدعو ويتحنن في الدعوة، إلى أن قالوا له في آخر المطاف: أنت تفتري هذا الكلام من عندك، فعلمه الله سبحانه وتعالى أن يقول:" قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرِمُونَ "[هود: 35].

ويقول الحق سبحانه معلماً رسول الله صلى الله عليه وسلم:" قُلْ مَن يَرْزُقُكُمْ مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ "[سبأ: 24].
أي من الذي يعطيكم قوام الحياة؟ وأنت حين تسألهم سؤالاً يناقض ما هم عليه. فيتلجلجون، فيسعف الله رسوله فيوضح سبحانه ويأمره أن يقول لهم:" قُلِ اللَّهُ وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ "[سبأ: 24].

و " إنا " أي رسول الله ومن معه. " أو إياكم " المقصود بها الكافرون بالله، ولم يقل لهم أنا وحدي على هدى وأنتم على ضلال، بل قال: منهجنا ومنهجكم لا يتفقان، ولا بد أن يكون هناك منهج على هدى ومنهج على ضلال، ولن أقول مَن هو الذي على هدى، ومَنْ هو الذي على ضلال؛ لأن محمداً صلى الله عليه وسلم واثق من أنهم لو أداروا المسألة على عقولهم وعلى بصائرهم: فلن يجدوا جواباً إلا أن رسول الله على الهدى وأنهم على الضلال. فتركهم هم ليقولوها.

ولنتأمل أيضاً قول الحق سبحانه:" قُل لاَّ تُسْأَلُونَ عَمَّآ أَجْرَمْنَا وَلاَ نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ "[سبأ: 25].
لم يقل الحق إنهم هم الذين يجرمون، بل جعل الجرم - إن صح - على المؤمنين، وجعل العمل - وإن فسد - مع الكافرين.

وعلى الأقل كانت المساواة تقتضي ولا نسأل عما تجرمون ولكنه لم يقل ذلك. وهذا هو الأدب العالي واللطف؛ لأن الحق سبحانه وتعالى يريد ألا يترك الرسول لغرائزهم مكاناً للإباء عليه، وألا يجدوا وسيلة لينفروا من الدعوة. ولهذا يعلمنا هذا الأسلوب فيقول: " وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّواْ اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ " [الأنعام: 108].
وبذلك نحقق لطف الجدل. ويقول سبحانه:" إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ "[الأعراف: 194].
وإن كنتم تريدون كشف حقيقة تلك الأصنام فهي أيضاً مخلوقة لله وهي تعبده، واسألوهم ولن يجيبوا، وهم لا أرجل لهم يمشون عليها، ولا لهم أيد يبطشون بها، ولا لهم أعين يبصرون بها، ولا لهم آذان يسمعون بها. وفوق ذلك:" إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُواْ لَهُ "[الحج: 73].

وهل هناك ما هو أقل من الذباب في عرفكم؟ نعم، يقول الحق:" وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ "[الحج: 73].

فإن جاءت ذبابة وحطت على ما تأكل، أتستطيع أن تسترجع منها شيئاً؟ لن تستطيع، وإن كنت جباراً وفتوة فامسك الذبابة وخذ منها الطعام الذي أخذته، لن تستطيع، ولذلك يقول الحق سبحانه:" ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ "[الحج: 73].

وهذا هو الجدل الذي يجعل المجادل يخجل من نفسه، لكن إذا ثرت في وجهه وتعصبت فأنت تجعل له عذراً في الحفيظة عليك والغضب منك والهجوم عليك، وفي الانصراف عن منهج الله، ونسأل الله أن يعطينا طول البال وسعة الحلم والأناة على الجدل اللطيف.

" وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّواْ اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ " [الأنعام: 108].
وحين يعلمنا الحق الجدل اللطيف للدعوة فهذا تزيين للدعوة، والدعوة في ذاتها جميلة؛ لذلك لابد أن يكون عرضها جميلاً.
والمثال من حياتنا: أنت تذهب إلى التاجر وعنده بضاعة قد تكون متميزة جداً لكنه لا يرتبها ولايحسن عرضها؛ لذلك قد تنفر منه وتذهب إلى تاجر آخر قد تكون بضاعته أقل جودة لكنه يحسن عرضها، وهذا هو التزيين أي تصعيد الحسن، ولذلك سُمِّي الحلي وما تتجمل به المرأة زينة والمرأة قد تمتلك أنوثة جميلة، وهي مع جمالها تقوم بتزيين نفسها بالحلي، وبالجواهر والملبس الراقي، وكان العربي حين يمتدح امرأة بقمة جمالية يقول: هذه غانية، أي استغنت بجمالها عن أن تتزين؛ لأن ما سوف تداريه بالعقد أجمل من العقد.

والتزيين إذن جمال العرض للاستمالة والانجذاب، ونحن حين نزين أمراً فإننا نعطيه وقاراً وحسناً ونزيده جمالاً: " كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ "
والأمة: هي الجماعة التي لها انتماء يجمع أفرادها، مثل أمة العرب.. أي أن المنتمين إليها هم العرب والأمة الإنجليزية أي أن المنتمين إليها إنجليز، أما أمة الإسلام فيدخل فيها العرب، والعجم، والأسود والأبيض، والأصفر، وهي أوسع رقعة، فإن كانت الأمم السابقة زينت لتناسب عصراً محدوداً وزمناً محدوداً، ومكاناً محدوداً فنحن نزينكم تزييناً يناسب كل أذواق الدنيا؛ لأنكم ستواجهون كل هذه الأمم، فلابد أن يكون في دعوتكم استمالة لهذا ولهذا ولهذا.

وفي بدء الدعوة - وكانت حينئذ ضعيفة نجد - رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتفت إلى الأمة، فيكون بلال الحبشي هو من يؤذن، ونجده يقول عن - سليمان وهو فارسي -: سلمان منا آل البيت ويأتي سيدنا عمر يقول عن صهيب - وهو رومي -: نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه، أي أن عدم عصيانه لله طبيعة فيه حتى وإن لم يكن يخاف عقاب الله.

فإذا كنا قد زينا لكل أمة من الأمم الماضية عملهم فتزيين أمتكم يجب أن يكون مناسباً لمهمتها زماناً ومكاناً وأجناساً، وألواناً، ولغات، ولابد أن نزينكم أيضاً بحسن أسلوب العرض لمنهج الدعوة. ويجب أن يتناسب مع جمالها، وأنتم أولى بالتزيين؛ لأنكم مستوعبون لكل حضارات الدنيا، وانتماءات الدنيا، فيجب أن يكون تزيينكم مناسباً لمهمتكم.
" كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَّرْجِعُهُمْ " [الأنعام: 108].
أي أننا وضحنا لهم منهج نقل الدعوة إلى الغير، وما ينال المحسن والمطيع من ثواب في الآخرة، والمؤمنون حينما ينعمون بنعيم الآخرة فهذا نعيم بغير حدود؛ لأنه على قدر طلاقة قدرة الحق سبحانه وتعالى، وهم حين يتنعمون بكل هذه النعم يستشرقون إلى لقاء المنعم به، ويتجلى الله عليهم.
وكما زينا للأمم السابقة أعمالهم قد زيناكم لأنكم أمة الإجابة، وهذا التزيين الخاص يربي الدعاة إلى منهج الله، ولو فطن غيركم إلى ما في منهجكم من زينة لبحثوا في هذا المنهج ولقام كل منهم باستقراء الوجود الذي بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ولوجد أن لكل كائن مهمة، ولانضم إلى المنهج التعبدي." وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ "[الذاريات: 56].
و " ليعبدون " تعني أن يطيعوا في " افعل كذا " " ولا تفعل كذا " وإذا قال الحق: " كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ " فمعنى ذلك أنه سبحانه قد بين العمل بفوائده.

وأنت حين تتأمل ظواهر الوجود حولك تجد أن من تميز عليك بموهبة إنما أراده الحق على هذا التميز لينفعك أنت، ويتجلى هذا الأمر في كل المهن: فالنجار الحاذق والمتقن تعود صنعته عليك، ومصمم الملابس الذي يتقن عمله سيعود خير صنعته عليك، ومن مصلحة كل إنسان أن يكون غيره متفوقاً؛ وأن يكون هو أيضاً متفوقاً في عمله، وأن يحمد ربنا لأن خيره سيعود على غيره أيضاً، وبذلك نحيا في مجتمع راق يتكون من أمم وطوائف مثالية، إذن فالمتفوق في شيء يجب ألا يحقد على غيره من أبناء المجتمع؛ لأن خير تفوقه سيعود على كل فرد فيه ومن المصلحة أن يصبر الكل إلى التفوق.

فإذا قال الله: " كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ " أي جعل الله لكل منا عملاً في الحياة، ولا بد أن ينتفع به في الدنيا، وينتفع به في الآخرة أيضاً ويأخذ كل منا ثواب الله عليه،
فالذي يأخذ التزيين يقبل على العمل، والذي لا يأخذ التزيين فعليه الذنب، وكل واحد إنما يزين عمله على مقدار الطموح الذي يطلبه لنفسه، ونحن نرى أمثلة لذلك في الحياة، ونلتفت لنجد إنساناً له دخل محدود، لكنه يفتح على نفسه أبواباً من الترف أكثر من اللازم، ولا يدخر شيئاً ويحقق لنفسه المتعة العاجلة،
ونجد إنساناً آخر يعيش على قدر الضروريات ويدخر لنجده من بعد ذلك قد طور من أسلوب حياته بالسكن اللائق ومتع الحياة. إن الأول زين له عمله الترف العاجل، والثاني زين له عمله الترف المقنن، فإياك أن تنظر إلى شهوة العاجلة، ولكن انظر إلى الجدوى التي تأتي منها: " ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ " [الأنعام: 108].
وما دام المرجع لمن أوجد العمل منهجاً في " افعل " و " لا تفعل " والمرجع لمن وضع التزيين في العمل لتأخذ المنهج الكريم منه، وعلى مقدار ما أخذت من منهجه تأخذ من كرامته.

إقرأ إن شئت .
قال زيد بن سعنة-وكان من أحبار اليهود-: إنه لم يبق من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفتها في وجه محمد صلى الله عليه وسلم حين نظرت إليه، إلا اثنتين لم أخبرهما منه: يسبق حلمه جهله، ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حِلمًا، فكنت أتلطف له لأن أخالطه فأعرف حلمه وجهله.

قال: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحجرات، ومعه علي بن أبي طالب ، فأتاه رجل على راحلته كالبدوي،
فقال: يا رسول الله، قرية بني فلان قد أسلموا ودخلوا في الإسلام، وكنت أخبرتهم أنهم إن أسلموا أتاهم الرزق رغدًا، وقد أصابهم شدة وقحط من الغيث، وأنا أخشى - يا رسول الله - أن يخرجوا من الإسلام طمعًا كما دخلوا فيه طمعًا، فإن رأيت أن تُرسِل إليهم من يُغيثهم به فعلت. قال: فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل جانبه - أراه "عمر بن الخطاب" - فقال: ما بقي منه شيء يا رسول الله.

قال زيد بن سعنة : فدنوت إليه، فقلت له: يا محمد، هل لك أن تبيعني تمرًا معلومًا من حائط بني فلان إلى أجل كذا وكذا؟ فقال: "لا يا يهودي، ولكن أبيعك تمرًا معلومًا إلى أجل كذا وكذا، ولا أُسمي حائط بني فلان"، قلت: نعم. فبايَعَنِي صلى الله عليه وسلم، فأطلقت همياني، فأعطيته ثمانين مثقالاً من ذهب في تمر معلوم إلى أجل كذا وكذا، قال: فأعطاها الرجل وقال: "اعجل عليهم وأغثهم بها".

قال زيد بن سعنة : فلما كان قبل محل الأجل بيومين أو ثلاثة، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار ومعه "أبو بكر الصديق" و "عمر بن الخطاب" وعثمان، ونفر من أصحابه، فلما صلَّى على الجنازة دنا من جدار فجلس إليه، فأخذت بمجامع قميصه، ونظرت إليه بوجه غليظ، ثم قلت: ألا تقضيني - يا محمد - حقي؟ فوالله إنكم - يا بني عبد المطلب - قوم مُطْل، ولقد كان لي بمخالطتكم علم!!

قال: ونظرتُ إلى عمر بن الخطاب وعيناه تدوران في وجهه كالفلك المستدير، ثم رماني ببصره وقال: أي عدو الله، أتقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما أسمع، وتفعل به ما أرى؟! فوالذي بعثه بالحق، لولا ما أحاذر قوته لضربت بسيفي هذا عنقك. ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلى عمر في سكون وتؤدة،
ثم قال: "إنَّا كنا أحوج إلى غير هذا منك يا" عمر، أن تأمرني بحسن الأداء، وتأمره بحسن التباعة؛ اذهب به - يا عمر - فاقضه حقَّه، وزده عشرين صاعًا من تمر مكان ما رُعْتَهُ".

قال زيد: فذهب بي عمر فقضاني حقي، وزادني عشرين صاعًا من تمر، فقلت: ما هذه الزيادة؟ قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أزيدك مكان ما رُعْتُكَ، فقلت: أتعرفني يا عمر؟ قال: لا، فمن أنت؟ قلت: أنا زيد بن سعنة . قال: الحَبْر؟ قلت: نعم، الحبر. قال: فما دعاك أن تقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما قلت، وتفعل به ما فعلت؟

فقلت: يا عمر ، كل علامات النبوة قد عرفتُها في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أختبرهما منه: يسبق حلمه جهله، ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلمًا، فقد اختبرتهما، فأُشهدك - يا عمر - أني قد رضيت بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًّا، وأشهدك أن شطر مالي - فإني أكثرها مالاً - صدقة على أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

فقال عمر : أو على بعضهم؛ فإنك لا تسعهم كلهم. قلت: أو على بعضهم. فرجع عمر وزيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال زيد: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم".صحيح البخارى.

فانظر - رحمك الله - إلى هذا اليهودي الذي يُخطِّط ويدبر لكي يستثير غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم عامدًا متعمدًا؛ لكي يختبر صدق نبوته، فقام بعدة أمور الواحد منها يكفي لإثارة غضب أي إنسان..
فقد ذهب – أولاً - لطلب الدَّيْن المستحق له قبل الموعد المحدد له.

ثم أخذ – ثانيًا - بمجامع قميصه وردائه صلى الله عليه وسلم يجذبه..!! وتخيل هذا الموقف والرسول صلى الله عليه وسلم في وسط أصحابه، وأمام الناس!

ثم نظر إليه – ثالثًا - بوجه غليظ..

ثم ناداه - رابعًا - باسمه مجردًا من أي لقب ولا كنية، فقال: ألا تقضيني يا "محمد" حقي؟

ثم هو – خامسًا - يسبُّه صلى الله عليه وسلم ويَسُبُّ عائلته حين قال: فوالله إنكم - يا بني عبد المطلب - قوم مطل..!!

فهذه أسباب خمسة، فيها من التطاول والتعدي ما فيها.. فإذا أضفت إلى كل هذا أن اليهودي يخاطب رأس المدينة المنورة وأعلى سلطة فيها، والرسول صلى الله عليه وسلم يقف آنذاك في وسط قوته وعزوته من المهاجرين والأنصار.. إذا أضفت ذلك عرفت أن الجزاء المتوقع لمثل هذا المتطاول قد يكون في أعراف كثير من الناس هو القتل ! وهو ما لم يكن غريبًا؛ فقد اقترحه عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي كان يحضر الواقعة.. فماذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم..؟!

لقد تلقى صلى الله عليه وسلم هذه الاعتداءات - ولا أقول بِتَفَهُّمٍ والتماس عذرٍ فقط - ولكن تلقاها بابتسامة وترحاب!!

لقد نظر الرسول صلى الله عليه وسلم - كما يروي زيد بن سعنة - إلى عمر في سكون وتؤدة، ثم قال: أنا وهو كنا أحوج إلى غير هذا منك يا عمر، أن تأمرني بحسن الأداء، وتأمره بحسن التقاضي، اذهب به - يا عمر - فاقضه حقه وزده عشرين صاعًا مكان ما رُعْتَه!!.

.. إن تواضع رسول الله صلى الله عليه وسلم جعله يقول لعمر : إنه كان أحوج إلى نصيحة بحسن الأداء!! مع أنه لا يحتاج لهذه النصيحة؛ لأن موعد السداد لم يأتِ بعد، ولكنها محاولة لتسكين فؤاد اليهودي والتبسط معه..

وهو صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يرى أنه من الرحمة أن يعوضه عن الخوف الذي لحقه من جَرَّاء تهديد عمر رضي الله عنه، فزاده عشرين صاعًا، وكل هذا دون انفعال أو تصلُّب، ودون أن يأخذ قسطًا من الوقت يفكر فيه، ويحسب العواقب والنتائج..
إنه رد فعل طبيعي جدًا له، وهو غير متكلف فيه.. فهذه هي طبيعته الفطرية صلى الله عليه وسلم مع عموم الناس، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، وسواء أحسنوا العرض أم أساءوا في الطلب..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sonnati.forummaroc.net
 
آداب الدعوة فى الإسلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» آداب المسجد للرجال والنساء
» دين الإسلام
» أبي الإسلام .....

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
سنتي الضائعة :: الفئة الأولى :: المنتدى الاسلامي :: هذا ديننا-
انتقل الى: