سنتي الضائعة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

سنتي الضائعة

منتدى اسلامي على منهج حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم وسيرة صحابته رضوان الله عليهم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 248
تاريخ التسجيل : 06/06/2011
العمر : 49

الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ Empty
مُساهمةموضوع: الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ   الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ I_icon_minitimeالخميس أكتوبر 06, 2011 11:45 am

بسم الله الرحمن الرحيم

{ الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ }
للشيخ خالد الراشد

إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ..
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ..
من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ..
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ..
{ يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاْ تَمُوتُنَّ إِلاّ وَأنتُمْ مُسلِمُونَ }..
{ يَآ أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِن نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُم رَقِيباً }..
{ يَآ أَيَّهَا الَّذِينَ آَمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَ قُولُواْ قَولاً سَدِيداً ، يُصلِحْ لَكُم أَعْمَالَكُم وَ يَغْفِرْ لِكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ مَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزَاً عَظِيمَاً }..
أما بعد :
فإنَّ أصدق الحديث كلام الله ..
وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم ..
وشرَّ الأمور محدثاتها ..
وكل محدثة بدعة ..
وكل بدعة ضلالة ..
وكل ضلالة في النار ..
معاشر الأحبة ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أنا وأنتِ وأنتَ في ليلة أسطرها بعنوان :
{الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ }
وأي عنوان أحلى وأجمل من هذا !..
أي أسطر أجمل من تلك التي تتكلم عن الله ، وعن عظمته ، وبرّه ، ورحمته ..
لن أذكر للموضوع عناصراً ..
بل سأدع العناصر تسوق بعضها بعضاً حتى الختام ..
فهيا ننطلق ..
الدافع للموضوع ..
ما نراه من كثرة الفواحش والمنكرات ..
ما نلمسه من ضعف الوازع عن المحرمات ..
وما تأتي به الأخبار عن ضعف التربية ..
وقلة المراقبة في الخلوات ..
هذا يتساهل في النظر ..
وذاك يمارس عادات ..
وآخر يأكل الربا ..
وآخر يتمايل مع الغنا ..
أحبتي ..
كثير من الناس وجودهم كالعدم ..
لم يتأملوا دلائل الوحدانية ..
ولم يقفوا عند أوامر الله ونواهيه ..
هم { كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ } ..
إن وافق الشرع مرادهم قبلوه ..
وإن لم يوافق تركوه ..
إن حصلوا على الدرهم والدينار رضوا وأخذوه ..
ولم يبالوا أمن حلال أم حرام كسبوه ..
إن سهلت الصلاة فعلوها ..
وإن لم تسهل تركوها ..
أحبتي ..
من تفكَّر في العواقب ؛ أخذ الحذر ..
ومن أيقن بطول الطريق ؛ تأهب للسفر ..

تمضي السنون وتنقضي الأيام
والناس تسعى للحياة بغفلة
والمال أصبح جمعه كتهجدٍ
قد زيَّن الشيطان كل رذيلةٍ
يا نفس يكفي ! فالذنوب كثيرة
هل تعلمي اليوم المحدد وقته؟!
ماذا تقول إذا حُملت جنازة
هذا السؤال فهل علمت جوابه
ماذا نصيرك إنَّ روحك غرغرت
اليوم تفعل ما تشاء وتشتهي
والناس تلهو والأنام نيام
لم يذكروا القرآن والإسلام
وتمتع الشهوات صار قيام
والناس تفعل ما تريد حرام
إنَّ الغرور يسبب الإجرام
الله يعلم وحده العلام
ودُفنت في القبر الشديد ظلام
ماذا تجيب إذا نطقت كلام
جاء المُفَّرط كي يقول ختام
وغداً تموت وتُرفع الأقلام

يُروى أنَّ عيسى ابن مريم عليه السلام رأى الدنيا في صورة عجوز هتماء عليها من كل زينة فقال لها : كم تزوَّجت ؟!..
فقالت : لا أحصيهم ..كثير ..
فقال : أكلّهم مات عنك ؛ أو كلهم طلقك ؟!..
قالت : بل كلهم قتلت ..
بل كلهم قتلت ..
فقال عيسى عليه السلام :
بؤساً لأزواجك الباقين ؛ كيف لا يعتبرون بأزواجك الماضيين ..
بؤساً لأزواجك الباقين ؛ كيف لا يعتبرون بأزواجك الماضيين ..
اعلم رعاك الله ..
واسمعي بارك الله فيكِ ..
لا يُقطع الطريق إلا ..
بالصبر والتسلية ..
كما قيل :
فإن تشكَّت فعللها المجرة من ضوء الصباح وعدها بالرواح ضحى
حُكي عن بشر الحافي أنه سار ومعه رجل ..
سارا في طريق طويل ..
فعطش صاحبه فقال له : نشرب من هذه البئر ..
فقال بشر : اصبر إلى البئر الأخرى ..
فلما وصلا إليها قال له : اصبر إلى البئر الأخرى ..
فما زال يعلله ويصبره ..
ثم قال : هكذا تنقطع الدنيا ..بالصبر والتصبير ..
فدرّب النفس على هذا الأصل ..
وتلطف بها ..
وعدها الجميل ..
لتصبر على ما قد حُمَّلت ..
كان بعض السلف يقول لنفسه :
والله ما أريد بمنعك هذا الذي تحبين إلا الإشفاق عليك ..
وقال أبو يزيد :
ما زلت أسوق نفسي إلى الله تعالى وهي تبكي ؛ حتى سقتها وهي تضحك _ يعني أكرهتها على العمل حتى استقامت برضاها _ ..

فمن هجر اللذات حصل على المنى
ففي قمع أهواء النفس اعتزازها
ومن أكبَّ على اللذات عضَّ على اليد
وفي نيلها ما تشتهي ذلّ سرمد

آية ومعنى ..
قال سبحانه : { وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ ، الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ ، وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } ..
قال السعدي رحمه الله : وأعظم مساعد للعبد على القيام بما أُمر به الاعتماد على ربه ، والاستعانة بمولاه على توفيقه للقيام بالمأمور ، فذلك أمر الله تعالى بالتوكل عليه فقال : { وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ } ..
والتوكل..
هو اعتماد القلب على الله تعالى في جلب المدافع ، ودفع المضار ، مع ثقته بالله ، وحسن ظنه بحصول مطلوبه فإنه ..
عزيز رحيم ..
بعزته يقدر على إيصال الخير ، ودفع الشر عن عبده وأمته ...
وكل ذلك برحمته ..
ثم نبهه عند فعل الأوامر ، وترك النواهي باستحضار قرب الله ، والنزول في منزل الإحسان فقال : { الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ ، وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ } ..
أي يراك في هذه العبادة العظيمة التي هي ..
الصلاة ..
يراك ..
وقت قيامك وتقلبك راكعاً ساجداً ..
خصها بالذكر _ يعني الصلاة _ لفضلها ولشرفها ..
ولا بدَّ من استحضار القلب حين فعلها ؛ لأنه من استحضر فيها قرب ربه خشع، وذلَّ، وأكملها ..
وبتكميلها يكمل سائر عمله ..
ويستعين بها على جميع أموره ..
ثم قال : { إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } ..
أي :
السميع : لسائر الأصوات على اختلاف تشتتها وتنوعها ..
والعليم : الذي أحاط بالظواهر والبواطن ، والغيب والشهادة ..
فاستحضار العبد رؤية الله له في جميع أحواله وسمعه لكل ما ينطق به ، وعلمه بما ينطوي قلبه من الهمّ والعزم والنيات يعينه على بلوغ منزلة الإحسان ..
فما هو الإحسان ؟!..
الإحسان ..
جاء في الحديث الصحيح عند مسلم في حديث وصف الإسلام والإيمان لما سُأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإحسان قال :
( أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) ..
نعم يراك ..
نعم يراك ..
ويعلم سرك ونجواك ..
في الصحراء يراك ..
في الجو أو في السماء يراك ..
إن كنت وحيداً يراك ..
إن كنت في جمعٍ يراك ..
{ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }..
معنى الإحسان ..
استحضار عظمة الله ومراقبته في كل حال ..
فما هي ..
المراقبة ؟!..
قال ابن القيم رحمه الله في " مدارج السالكين " :
من منازل { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } منزلة المراقبة ..
وهي دوام علم العبد وتيقنه باطلاع الحق سبحانه وتعالى على ظاهره وباطنه..
فاستدامته لهذا العلم ، واليقين بذلك هي المراقبة ..
وهي ثمرة علمه بأنَّ الله سبحانه ..
رقيب عليه ..
ناظر إليه ..
سامع لقوله ..
مطلع على عمله ..
ومن راقب الله في خواطره ؛ عصمه الله في حركات جوارحه ..
قال أحدهم : والله إني لأستحي أن ينظر الله في قلبي وفيه أحد سواه ..
قال ذو النون : علامة المراقبة ..
إيثار ما أنزل الله ..
وتعظيم ما عظَّم الله ..
وتصغير ما صغَّر الله ..
وقال إبراهيم الخوَّاص : المراقبة ..
خلوص السرّ والعلن لله جلَّ في علاه ..
من علم ..
أنَّ الله يراه حيث كان ..
وأنَّ الله مطلع على باطنه وظاهره وسره وعلانتيته ..
واستحضر ذلك في خلوته ..
أوجب له ذلك العلم واليقين ..
ترك المعاصي والذنوب ..
كان بعض السلف يقول لأصحابه : زهّدنا الله وإياكم في الحرام زهد من قدر عليه في الخلوة فعلم أنَّ الله يراه فتركه من خشيته جلَّ في علاه ؛ أو كما قال ..
وقال الشافعي : أعزّ الأشياء ثلاثة ..
الجود من قلة ..
والورع في خلوة ..
وكلمة الحق عند من يُرجى أو يُخاف ..
وقالوا : أعظم العبادات مراقبة الله في سائر الأوقات ..
قال ابن القيم :
والمراقبة ..
هي التعبد بأسمائه :
الرقيب ..
الحفيظ ..
العليم ..
السميع ..
البصير ..
فمن عقل هذه الأسماء وتعبَّد بمقتضاها حصلت له المراقبة ..
فهيا معاً أحبتي ننظر في معاني هذه الأسماء وآثارها ..
من آثار هذه المعاني والصفات ..
اعلم بارك لله فيك ..
واعلمي رعاكِ الله..
إنَّ أسماء الله الحسنى هي التي ..
أثبتها الله تعالى لنفسه ..
وأثبتها له عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم وآمن بها جميع المؤمنين ..
قال الله تعالى : { وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ..
وقال : { قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى } ..
وقال : { اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى } ..
وجاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( إنَّ لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة ، وهو وتر يحب الوتر ) ..
ومعنى أحصاها :
أي حفظها ، وعدها ، واستوفاها ، وعمل بمقتضاها ..
فكما أنَّ القرآن لا ينفع حفظ ألفاظه دون العمل به ..
كذلك أسماء الله وصفاته ..
لا بدَّ أن نعلم أنَّ أسماء الله ليست منحصرة في التسعة والتسعين المذكورة في..
حديث أبي هريرة ..
ولا فيما استخرجه العلماء من القرآن ..
ولا فيما علمته الرسل والملائكة وجميع المخلوقين ..
لحديث ابن مسعود عند أحمد وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( ما أصاب أحداً قط همّ ولا حَزن فقال : اللهم إنا عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ، ماضٍ فيَّ حكمك ، عدلٌ فيَّ قضاؤك ؛ أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحداً من خلقك ، أنزلته في كتابك أو استأثرت عليه في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي ؛ من قالها أذهب الله حزنه وهمه وأبدله مكانه فرحاً )..
فقيل يا رسول الله : أفلا نتعلمها ؟!..
فقال : ( بلى ينبغي لكل من سمعها أن يتعلمها ) ..
فتعلموها رعاكم الله ..
تعلموها وعلموها رعاكم ..
واعلم ، واعلمي ..
أنَّ من أسماء الله عز وجل ما لا يُطلق عليه إلا مقترناً بمقابله ..
فإذا أُطلق وحده أوهم نقصاً _تعالى الله عن ذلك _ ..
فمنها ..
المعطي المانع ..
والضار النافع ..
والقابض الباسط ..
والمعز المذل ..
والخافض الرافع ..
فلا تُطلق على انفرادها ..
بل لا بدَّ من ازدواجها بمقابلها ..
إذ لم تُذكر في القرآن والسنة إلا كذلك ..
ومن ذلك ..
المنتقم ؛لم يأتِ في القرآن إلا مضافاً إلى ذي ، كقوله : { عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ } ..
أو مقيداً بالمجرمين كقوله : { إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ } ..
ومما يجب علمه أيضاً ..
أنه ورد في القرآن أفعال أطلقها الله عز وجلّ على نفسه على سبيل الجزاء والعدل والمقابلة ..
وهي فيما سيقت فيه مدح وكمال في ذات الله عز وجلّ ..
لكن لا يجوز أن يُشتق له تعالى اسم منها ولا تُطلق عليه في غير ما سيقت فيه من الآيات كقوله : { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ } ..
وقوله : { وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ } ..
وقوله : { نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ } ..
وقوله : { وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ، اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } ..
فلا يُطلق على الله تعالى مخادع ، ولا ماكر ، ولا ناسٍ ، ولا مستهزئ ، ونحو ذلك _ تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً _ ..
ولا يُقال : الله يستهزئ ، ويخادع ، ويمكر ، وينسى على سبيل الإطلاق _ تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً _ ..
ولكن هذا فعله بالمخادعين ، ومكره بالماكرين ، واستهزاؤه بالمستهزئين ، ونسيانه للذين نسوه ..وهي في هذا السياق مدح وكمال ..
قال شيخ الإسلام رحمه الله : وفي كتاب الله من ذكر أسماءه وصفاته أكثر من ذكر آيات الجنة والنار ..
وإنَّ الآيات المتضمنة لأسمائه وصفاته أعظم قدراً من آيات المعاد ..
من أسمائه جلَّ في علاه ..
الرقيب ..
ورد هذا الاسم في القرآن ثلاث من القرآن ..
في سورة المائدة في قوله تعالى مخاطباً عيسى عليه السلام يوم القيامة في مشهد عظيم وموقف جسيم { وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ، مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ } .. { كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ، إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } ..
فمن هم الناجحون في ذلك اليوم !!..
من هم الناجون في ذلك اليوم !!..
اسمعوا رعاكم الله ..
قال الله : { قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ } ..
لن ينجوا إلا أهل الصدق والإخلاص ..
{ قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ، لِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } ..
وجاء ذكر الرقيب في قوله تعالى في أول آية من سورة النساء { يَآ أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِن نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُم رَقِيباً } .. { إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُم رَقِيباً } ..
قال ابن جرير في قوله : { إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُم رَقِيباً } يعني أنَّ الله لم يزل عليكم رقيباً حفيظاً محيصاً عليكم أعمالكم متفقداً أحوالكم ..
وجاء ذكر الرقيب في سورة الأحزاب في قوله جل في علاه { وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيباً } ..
قال الزجَّاج :
الرقيب ..
هو الحافظ الذي لا يغيب عما يحفظه{ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }..
وقال الحليمي :
الرقيب ..
هو الذي لا يغفل عما خلق ..
وفي نونية ابن القيم :
وهو الرقيب على الخواطر واللواحظ كيف بالأفعـال والأركــان
قال السعدي :
الرقيب ..
المطلع ما أكنته الصدور ، القائم على كل نفس بما كسبت ، الذي حفظ المخلوقات وأجراها على أحسن نظام وأكمل تدبير ..
فهو سبحانه ..
رقيب ..
على الأشياء بعلمه الذي وسع كل شيء { رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً}..
وهو رقيب ..
على الأشياء ببصره الذي { الذي لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ } ..
وهو رقيب ..
على الأشياء بسمعه المدرك لكل حركة وكلام ..
فأين أثر هذا في حياتنا !!..
أين أثر هذا في حياتنا !!..
أنه يسمع ، ويرى ، و { يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ } ..
أين أثر هذا في تصرفناتنا ؛ في معاملاتنا ؛ في عباداتنا !!..
جاء في السير بعد معركة بدر وبعد أن عادت قريش تجر أذيال الهزيمة وبعد أن تلقت درساً في معسكر الإيمان ..
قعد صفوان بن أمية وعمير بن وهب في الحجر فأخذا يتذاكران أصحاب القليب.
وكان صفوان بن أمية قد قُتل أبوه وأخوه يوم بدر ..
فقال عمير لصفوان لولا صبية صغار لا أحد يرعاهم بعدي وديون ركبتني لذهبت إلى المدينة وقتلت محمداً ..
فقال صفوان : دينك عليّ ، وأنا أرعى صغارك على أن تقتل محمداً ..
فاتفقا ..
ولا ثالث معهما إلا الله ..
الله الذي { يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى }..
وصل عميرٌ إلى المدينة متظاهراً بأنه جاء لدفع الفداء عن ابنه وهب الذي كان أسيراً عند المسلمين ..
فرآه عمر رضي الله عنه فانطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد وقال : يا رسول هذا عدو الله عمير جاء متوشحاً سيفه ..
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ادخلوه علي ) ..
فجاء به عمر وقد اخذ بتلابيبه فأوقفه على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال : ( أرسله يا عمر ) ..
ثم قال : ( ادنو يا عمير ) ..
فدنا ؛ ثم قال : أنعم صباحاً يا محمد _ وكانت هذه تحية الجاهليه _..
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير ؛ أكرمنا بالسلام تحية أهل الجنة { تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ } ) ..
ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما جاء بك يا عمير ؟! ) ..
فقال : جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم فأحسنوا فيه ..
قال : ( فما بال السيف في عنقك ؟! ) ..
قال : قبحها الله من سيوف وهل أغنت عنا شيئاً يوم بدر ..
قال : ( اصدقني يا عمير .. اصدقني يا عمير ما الذي جئت من أجله ؟ ) ..
قال : ما جئت إلا لذاك ..
قال : ( اسمع بل قعدت أنت وصفوان بن أمية في الحجر ، فذكرتما أصحاب القليب من قريش ، ثم قلت أنت لولا دين علي وعيال عندي لخرجت حتى أقتل محمداً ، فتحمّل لك صفوان بن أمية بالدين ورعاية العيال ؛ على أن تقتلني له والله حائل بينك وبين ذلك .. والله حائل بينك وبين ذلك ) ..
فقال عمير : أشهد أنك رسول الله ؛ قد كنّا يا رسول الله نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء ..
وما يتنزل عليك من الوحي ..
وهذا أمر لم يحضره إلا وأنا وصفوان ..
والله إني لأعلم ما أتاك به إلا الله .. والله إني لأعلم ما أتاك به إلا الله .. وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ..
فالحمد لله الذي هداني للإسلام وساقني هذا المساق ..
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( فقهوا أخاكم في دينه ، وعلموه القرآن ، وأطلقوا أسيره ) ..
الله أكبر ..
ولا إله إلا الله ..
تدبر في قوله جل في علاه : { يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً }..
أين أثر هذه الآيات في حياتنا ؟!..
بل أين أثر قوله جلَّ في علاه :{ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ }..

إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل
ولا تحسبنَّ الله يغفل ساعة
ألم ترَ أنَّ اليوم أسرع ذاهبٍ
خلوت ، ولكن قل عليَّ رقيب
ولا أن ما يخفى عليه يغيب
وأنَّ غداً للناظرين قريب

قال ابن كثير : إنَّ عميراً هذا بعد أن هداه الله للإسلام استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في العودة إلى مكة ليكون داعية إلى الإسلام ..
فقال : يا رسول الله إني كنت جاهداً على إطفاء نور الله ؛ شديد الأذى لمن كان على دين الله ، وأنا أحب أن تأذن لي فأقدم مكة فأدعوهم إلى الله وإلى رسوله وإلى الإسلام لعل الله أن يهديهم وإلا آذيتهم في دينهم كما كنت أؤذي أصحابك في دينهم ..
فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم ..
فلحق بمكة ، وكان صفوان يتوقع وصوله بين آونة وأخرى ، فكان يسأل عنه الركبان ؛ حتى قدم راكب قبل عمير ؛ فأخبر صفوان عن إسلامه فغضب غضباً شديداً وحلف أن لا يكلمه أبداً ولا ينفعه نفعاً أبداً ..
قال ابن اسحاق : فلما قدم عمير مكة وكان شجاعاً مهيباً جاهر أهل مكة بإسلامه ولم يجرؤوا على التعرض له وأخذ يدعو إلى الإسلام ..
أسألك بالله من أين أتت الشجاعة ؟!!..
من أين أتت الشجاعة ؟!..
لما دخل موسى وهارون على فرعون { قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى ، قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى } ..
{ إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى } ..
فأخذ عمير يدعو إلى الإسلام ويؤذي من خالفه أذىً شديداً ..
فأسلم على يديه خلق كثير ..
لكن قل لي ..
وقولي لي ..
كيف أسلم عمير !!..
أسلم يوم استشعر ..
عظمة الله ..
ورقابة الله ..
وإحاطة الله بكل شيء ..
فهلا استشعرنا ذلك ..
واستشعرنا قوله تعالى { وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } ..
{ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } ..
{ لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء }..
ومن أسمائه جل في علاه ..

الحفيظ ..
وهو الذي حفظ خلقه ..
وأحاط علمه بما أوجده ..
وحفظ أولياءه من وقوعهم في الذنوب والهلكات ..
ولطف بهم في الحركات والسكنات ..
وأحصى على العباد أعمالهم وجزاءها ..
هل تعلم معنى ( احفظ الله يحفظك ) ؟!..
معناها احفظ ..
حدود الله ..
وحقوقه ..
وأوامره ..
ونواهيه ..
وحفظ ذلك هو الوقوف ..
عند أوامره بالامتثال ..
وعند نواهيه بالاجتناب ..
وعند حدوده فلا نتجاوزها ..
المعنى ..
فعل الواجبات جميعاً ..
وترك المحرمات جميعاً ..
وقد مدح الله عباده الذين يحفظون حدوده فقال في معرض بيانه لصفات المؤمنين الذين اشترى منهم أنفسهم وأموالهم بأنَّ لهم الجنة فقال ؛ من صفاتهم { التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ } ..{ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ } ..
نعم بشرهم ..
إذا حفظوا أوامره ، وحدوده ..
حفظهم في ؛ دينهم ودنياهم ، وفي أولاهم وأخراهم ..

ومن أعظم ما يجب على العباد حفظه من حقوق الله هو :
التوحيد ..
وهو أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئاً ..
روى البخاري من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا معاذ بن جبل ) ..
قال : لبيك يا رسول الله وسعديك ..
قال : ( هل تدري ما حق الله على العباد ؟) ..
قال : قلت : الله ورسوله أعلم ..
قال : ( فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً ) ..
ثم سار ساعة ، ثم قال : ( يا معاذ بن جبل ) ..
قلت : لبيك يا رسول الله وسعديك ..
قال : ( هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك ؟ )..
قال : قلت : الله ورسوله أعلم ..
قال : ( إن فعلوا ذلك فحقهم عليه أن لا يعذبهم ) ..
( حقهم عليه ألا يعذبهم ) ..
فهذا هو الحق العظيم الذي أمر الله سبحانه وتعالى عباده أن يحفظوه ويراعوه ..
ومن أجل حفظه أرسل الله الرسل ، وأنزل الكتب ، وكان الله رقيباً على الجميع { لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً}..
فمن حفظ توحيده في الدنيا ..
حفظه الله تعالى من عذابه يوم القيامة ..
وسلمه ، وأمّنه ، وكان له عند الله عهداً أن ..
يدخله الجنة ..
ويجيره من النار ..
وإن عذّب بسبب ذنوبه إن لم يتب منها فإنه أيضاً محفوظ بتوحيده من الخلود في النار مع الكفار الذين ضيعوا هذا الحق العظيم ..

ومن أعظم ما أمر الله بحفظه من الواجبات:
الصلاة ..الصلاة ..
وما أدراك ما الصلاة ..
قال سبحانه :{ حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ } ..
وقال : { وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ } ..
فمن حافظ على الصلوات ..
وحفظ أركانها ..
حفظه الله من نقمته وعذابه ..
وكانت له نجاة يوم القيامة ..
قال صلى الله عليه وسلم :
( اكلفوا من العمل ما تطيقون واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة ) ..
قال ابن القيم رحمه الله :
والصلاة :
مجلبة للرزق ..
حافظة للصحة ..
دافعة للأذى ..
مطردة للأدواء ..
مقوية للقلب ..
مبيضة للوجه ..
مفرحة للنفس ..
مذهبة للكسل ..
منشطة للجوارح ..
ممدة للقوة ..
شارحة للصدر ..
مغذية للروح ..
منوّرة للقلب ..
حافظة للنعمة ..
دافعة للنقمة ..
جالبة للبركة ..
مبعدة من الشيطان ..
مقربة للرحمن ..
وللصلاة تأثر عجيب ..
في حفظ صحة البدن والقلب وقواهما ودفع المواد الرديئة عنهما ..
وما ابتلي رجلان بعاهة أو داء أو محنة أو بلية ؛ إلا كان حظ المصلي منهما أقل وعاقبته أسلم ..
وللصلاة تأثير عجيب ..
في دفع شرور الدنيا لا سيما إذا أعطيت حقها من التكميل ظاهراً وباطناً ..
فما استدفعت شرور الدنيا والآخرة ولا استجلبت مصالحها بمثل الصلاة ..
وسرّ ذلك ..
أنَّ الصلاة صلة بالله عز وجلّ ..
وعلى قدر صلة العبد بربه عز وجلّ ..
تُفتح عليه من الأبواب خيراتها ..
وتُقطع عنه من الشرور أسبابها ..
تأمل في قوله صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل :
( يا ابن آدم اركع لي من أول النهار أربع ركعات أكفك آخره ) ..
ومن حفظ الله للمصلين ..
أنَّ صلاتهم تنهاهم عن الفحشاء والمنكر ..
أما من ضيعها ..
فقد توعده الله بالهلاك والشر العظيم ..
قال سبحانه : { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً } ..
فكيف هي صلاتنا !!..
هل حفظناها !!..
هل راقبنا الله فيها !!..
هل تدبرنا قوله : { الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ ، وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ }!!..
كم مرة تفوتك صلاة الجماعة !!..
كم مرة تفوتك تكبيرة الإحرام !!..
كم مرة تنام عن الصلاة المكتوبة !!..
والله ..
لن يستقيم الحال ..
والله ..
لن يستقيم الحال إلا إذا ..
استقام العبد والأمة في أداء الصلاة ..

ومما أُمرنا بحفظه:
السمع ، والبصر ، والفؤاد ..
قال سبحانه : { وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً } ..
فاحفظ سمعك ؛ فلا تسمع إلا ما يرضيه ..
واحفظ بصرك ؛ فلا تنظر إلا إلى ما يرضيه ..
واحفظ قلبك ؛ فلا يمتلئ إلا بما يحبه ويرضيه ..
واحفظ عقلك ؛ فلا تفكر إلا في طاعته ومراضيه ..

ومما أُمرنا بحفظه :
الفروج ..
قال سبحانه : { قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ } ..
وقال سبحانه :{ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ } ..
ومدح الله المؤمنين والمؤمنات بذلك فقال: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ }..

ومما أُمرنا بحفظه :
الأيمان ..
فقال سبحانه : { وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ } ..
وقال : { وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ } ..
لأنَّ حفظ اليمين يدل على إيمان المرء وورعه ..
فكثير من الناس يتساهل في الحلف والقسم وقد تلزمه الكفارة وهو لا يدري أو يعجز عنها فيقع في الإثم لتضييعه وعدم حفظه لأيمانه ..

وبالجملة ..
فالعبد والأمة كل مأمور ..
بحفظ دينه أجمع ..
فلا يترك منه شيئاً لتعارضه مع هواه ومصلحته ..
بل هو مطيع لربه على أي حال وفي كل زمان ومكان ..
لأنَّ ربه يراه ويسمع سره ونجواه ..
وكلما كان وفاء العبد والأمة بحفظ حدود الله وشرائعه أعظم ..
كان حفظ الله له ولها مثل ذلك ..
قال سبحانه : { وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ } ..
وقال : { فََاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ } ..
وقال : { إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } ..

ومن أسمائه سبحانه :
السميع ..
قال جل في علاه { رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } ..
أي تسمع وتجيب ..
فقال عن نفسه : { إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ }..
وقال عن نفسه : { إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ } ..
فهو سميع لأقوال عباده ..
وحركات مخلوقاته ..
يسمع السر وأخفى ..
{سَوَاء مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ ، لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ ، هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ ، وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ } ..
فهو سميع ..
ذو سمع بلا تكييف ولا تشبيه ،ولا تمثيل ..
جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشتكي زوجها ..
قالت : قال لي : أنت عليَّ كظهر أمي ..
فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : ( والله ما أراك إلا قد حرمت عليه )..
تشتكي وترفع شكواها إلى الله ..
فقالت : يا رسول الله إنَّ لي منه صبية صغاراً إن ضممتهم إلي جاعوا ، وإن ضممتهم إليه ضاعوا ..
فقال _ بأبي هو وأمي _ : ( والله ما أراك إلا قد حرمت عليه )..
قالت تجادل وتشتكي وترفع شكواها إلى الله :
لقد أفنى شبابي ، وأفنى مالي ..
فيقول لها النبي صلى الله عليه وسلم : ( والله ما أراك إلا قد حرمت عليه )..
وما هي إلا لحظات إلا وجواب ربها يأتيها ، ويواسيها ، ويرفع عنها الظلم والعدوان ..
{ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ، الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ } ..
تقول عائشة : تبارك الذي وسع سمعه كل شيء ..
لقد جاءت المجادلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تكلمه وتجادله وأنا في ناحية البيت ما بيني وبينها إلا ستار ..والله ما سمعت شيئاً من كلامها ..
وفي رواية : الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات..
تأمل في قوله ..
يوم ناداه زكريا نداءً خفياً فسمع الصوت وأجاب الدعاء ..
عند البخاري من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فكنا إذا علونا كبرنا ..
فقال : ( أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً ، تدعون سمعياً بصيراً قريباً ) ..
{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ } ..
سار عمر يوماً ومعه أبو عبيدة فالتقته امرأة في الطريق فقالت :
إيه يا عمر ..
لقد كنت تسمى عميراً تصارع الفتيان في أسواق عكاظ ، ثم ما لبثت أن سميت عمراً ، ثم ما لبثت حتى أصبحت أميراً للمؤمنين ..
فاتقي الله يا عمر واعلم أن الله ساءلك عن الرعية كيف رعيتها ..
فبكى عمر بكاءً شديداً..
فلام أبو عبيدة المرأة على قسوتها على عمر ..
فقال له عمر : دعها يا أبا عبيدة ..دعها يا أبا عبيد ..
فهذه التي سمع الله قولها من فوق سبع سماوات ..
فهذه التي سمع الله قولها من فوق سبع سماوات ..
فحري على عمر أن يسمع قولها ..
سبحانه ..
سميع لدعاء الخلق وألفاظهم ..
عند تفرقهم وعند اجتماعهم ..
لا تختلف عليه اللهجات ولا اللغات ..
ما يعلم ما في قلب القائل قبل أن يقول ..
وقد يعجز القائل عن التعبير عن مراده والله يعلم ذلك فيعطيه الذي في قلبه..
وجاء اسمه السميع مقترناً بغيره من الأسماء ..
{ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } ..
{ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } ..
{ سَمِيعٌ قَرِيبٌ } ..
وهي تدل على الإحاطة بالمخلوقات كلها ..
وأن الله محيط بها ..
لا يفوته شيء منها ..
ولا يخفى عليه ..
بل الجميع تحت ..
سمعه ..
وبصره ..
وعلمه ..
وفي ذلك ..
تنبيه للعاقل ..
وتذكير للغافل ..
كي يراقب نفسه وما يصدر عنها من أقوال وأفعال ..
{ أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ } ..
ومتى آمن الناس بذلك وتذكروه ..
فإنَّ أحوالهم تتغير ..
من القبيح إلى الحسن ..
ومن الشر إلى الخير ..
وإذا تناسوا ذلك ..
فسدت أخلاقهم وأعمالهم ..

ومن أسمائه جلَّ في علاه :
البصير ..
أي له بصر يرى به سبحانه ..
ويعني كذلك أنه ذو البصيرة بالأشياء الخبير بها ..
يبصر كل شيء كبُر أو صغر ..
يبصر ما تحت الأرض ..
وما فوق السماء ..
وما في أعماق البحار ..
{ لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } ..
لا تراه في الدنيا العيون ..
ولا تخالطه الظنون ..
ولا تغيره الحوادث والسنون ..
لا تواري عنه سماءٌ سماءا ..
ولا أرض أرضا ..
ولا جبل ما في وعره ..
ولا بحر ما في قعره ..
{ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ } ..
هذه آثار وأخبار نعرفها تمام المعرفة ..
لكن أين أثرها في حياتنا ؟!..
سمع عمر ليلة عجوزاً تقول لبنيتها : امزجي اللبن بالماء ..
فقالت البنية : أما علمت يا جدة أن أمير المؤمنين عمر نهى عن مزج اللبن بالماء..
فقالت العجوز في لحظة غفلة : وأين عمر حتى يرانا ؟!..
فقالت المؤمنة الموقنة بنظر الله : أن كان عمر لا يرانا ..
إن كان عمر لا يرانا فربُّ عمر يرانا ..
قصة نعرفها ..
يعرفها الكبير والصغير ..
لكن أين أثرها في حياتنا وفي معاملاتنا ؟!..
وفي ليلة أخرى يتجول عمر فإذا بامرأة في ظلام الليل تردد هذه الأبيات :

تطاول هذا الليل واسوَّد جانبه
فوالله لولا الله لا شيء غيره
ولكن تقوى الله عن ذا تصدني
وأرقني أن لا خليل ألاعبه
لحرّك من هذا السرير جوانبه
وحفظاً لبعلي أن تُنال مراكبه

الله أكبر ..
عظموا الله فراقبوه ..
واستحيوا منه فهابوه ..
الله أكبر ..
عُظّم الآمر فعُظّمت الأوامر ..
إليك مزيد ..
مرَّ ابن عمر على رويعي غنم في صحراء فقال له امتحاناً :
بعنا من هذه الشياه..
فقال : أنا مملوك ومؤتمن ..
أنا مملكوك ومؤتمن ..
فقال ابن عمر ممتحناً إيمانه :
قل للمالك أكلها الذئب ..
فقال رويعي الغنم الذي امتلأ قلبه خشية من الله :
وماذا أقول لله !!..
ماذا أقول لله !!..
إن قلت للمالك أكلها الذئب ..
فماذا أقول لله !!..
ماذا أقول إذا نطقت الجوارح والأركان { يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ، يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ } ..
فبكى ابن عمر وأرسل إليه من يعتقه وقال له :
كلمة أعتقتك في الدنيا ..
كلمة أعتقتك في الدنيا ..
أسأل الله ان تعتقك يوم أن تلقاه ..
أسأل الله أن تعتقك يوم أن تلقاه ..
قال بقلب مليء بالإيمان ومراقبة الرحمن :
ماذا أقول لله ..
هذه أخبار كلنا يعرفها وسمعها مرات ومرات ..
لكن أيها الغالي ..
أيتها الغالية ..
أين أثر هذا في حياتنا ؟!..
أين أثر هذا في حياتنا ؟!..
ومن معاني البصير ..
أي الخبير بأحوالهم وأفعالهم ..
يعلم ..
من يستحق الهداية ..
ومن يستحق الغواية ..
{ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ } ..
{ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرَاً بَصِيراً } ..

ومن أسمائه سبحانه :
العليم ..
الذي يعلم ما كان وما سيكون وما هو كائن لو كان كيف سيكون ..
عليم بكل ما أخفته صدور خلقه ..
من كفر وإيمان ..
وحق وباطل ..
وخير وشر ..
العالم بالسرائر والخفيات هو { عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } ..
قال السعدي : وهو الذي أحاط علمه بالظواهر والبواطن ، والاسرار والإعلان ، وبالواجبات والمستحيلات والممكنات ، وبالعالم العلوي والسفلي ، وبالماضي والحاضر والمستقبل ..
فلا يخفى عليه شيء من الأشياء ..
قال ابن القيم في نونيته :

وهو العليم أحاط علماً بالذي في
وبكل شيء علمه سبحانه
وكذا يعلم ما يكون غداً وما قد
وكذاك أمر لم يكن لو كان
الكون من سرّ ومن إعلان
فهو المحيط وليس ذا نسيان
كان والموجود في ذا الآن
كيف يكون ذا الأمر ذا إمكان

تأمل وتدبر في قوله ..
{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } ..
{إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } ..
وتأمل في قوله ..
{ وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ، وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ ، ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ } ..

هذه بعض من أسمائه وصفاته جلَّ في علاه ..
فأين أثرها في حياتنا ؟!..
أين الإيمان في حياتنا ؟!..
أين أثر الإحسان في معاملاتنا وفي عبادتنا ؟!..
إذا أردت أن تعرف مدى إيمانك ..
فراقب نفسك في الخلوات..
راقب نفسك في الخلوات ..
إنَّ الإيمان لا يظهر ..
في صلاة ركعتين ، أو صيام نهار ..
بل يظهر ..
في مجاهدة النفس والهوى ..
والله ..
ما صعد يوسف عليه والسلام ولا سعُد ..
إلا في مثل ذلك المقام ..
{ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ } ..{ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى، فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى } ..
من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظلَّ إلا ظله ..
رجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ..
وآخر دعته امرأة ذات حسن وجمال فقال : إني أخاف الله ..
فقال: إني أخاف الله ..
أف للذنوب ..
أف للذنوب ..
ما أقبح آثارها ..
وما أسوأ أخبارها ..
وهل تحدث الذنوب إلا ..
في الغفلات ، والخلوات..
يا من لا يصبر لحظة عما يشتهي ..
قل من أنت ؟!..
وما علمك ؟!..
وإلى أي مقام ارتفع قدرك ؟!..
بالله عليك ..
أتدري من الرجل ؟!!..
الرجل والله ..
من إذا خلا بما يحب من المحرم ..
وقدر عليه ..
تذكر ، وتفكر ، وعلم ..
أنَّ الله يراه ..
ونظر إلى نظر الحق إليه ..
فاستحى من ربه ..
كيف يعصاه وهو يراه ..
كيف يعصاه وهو يراه ..
هيهات ..هيهات ..
والله ..
لن تنال ولاية الله ..
حتى تكون معاملتك له خالصة ..
والله ..
لن تنال ولايته ..
حتى تترك شهواتك ..
وتصبر على مكروهاتك ..
وتبذل نفسك لمرضاته ..
إنَّ أقواماً أحبهم فأحبوه ..
إنَّّ أقواماً أحبهم فأحبوه ..
واشتاق للقياهم ، فاشتاقوا إليه ..
رأى عبد الله بن عمرو الأنصاري ليلة أُحد أنه يُقتل فأوصى جابراً بأمه وأخواته خيراً ، فقالت الأم : أين الملتقى يا أبا جابر ؟!..
قال : الملتقى الجنة ..
أين الملتقى يا أبا جابر ؟!..
قال : الملتقى الجنة ..
فخرج يريد الموت ويتمناه ..
فأعطاه الله ما تمنى مقبلاً غير مدبر ..
فحزن عليه ابنه جابر ..
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :
( والذي نفسي بيده ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفعته ، والله يا جابر إنَّ الله كلَّم أباك كفاحاً ليس بينه وبينه ترجمان ..
والله يا جابر إنَّ الله كلَّم أباك كفاحاً ليس بينه وبينه ترجمان ..
فقال : تمنى يا عبدي ..
فقال : أتمنى أن تعيدني إلى الدنيا فأُقتل فيك ..
قال : إني كتبت على نفسي أنهم إليها لا يرجعون ، فتمنى يا عبدي ..
قال : ربي أن ترضى عني ؛ فإني قد رضيت عنك ..
قال : ربي أن ترضى عني ؛ فإني قد رضيت عنك ..
قال : فإني أحللت عليك رضواني فلا أسخط عليك أبداً ..
ثم جعل الله روحه وأرواح أخوانه الذين قتلوا معه في حواصل طير خضر ترد الجنة ..
فتأكل من ثمارها ..
وتشرب من أنهارها ..
وتأوي إلى قناديل معلقة في العرش ..
حتى يرث الله الأرض ومن عليها ) ..
{ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ، مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ ، ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ ، لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ }..

في كل يوم للجنان قوافلٌ
ماذا أقول بوصف ما قاموا به
لله درّ ضياغم من أسدنا
من عاص للحياة مجاهداً
شهداء راضٍ عنهم العلاَّم
عجزَّ البيان وجفَّت الأقلام
بعظائم الأعمال فيها قاموا
وسلاحه الإيمان والإقدام

عظموا الله فخافوه ..
نعم ..
عظموه فخافوه ..
فعظموا أوامره ونواهييه ..
كيف لا يعظمونه ..
كيف لا يعظمونه { وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } ..
كيف لا يعظمونه وهو { يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ } ..
روى الترمذي في الحديث الصحيح عن أبي ذرّ رضي الله عنه قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : { هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً } ..
قال قرأها حتى ختمها ثم قال :
( إني أرى ما لا ترون ..
وأسمع ما لا تسمعون ..
أطت السماء وحقّ لها أن تئط ..
ما فيها موضع أربع أصابع إلا ومَلَك ساجد ، وملك قائم ..
والله لو تعلمون ما أعلم ..
والله لو تعلمون ما أعلم ..
لضحكتم قليلاً ..
ولبكيتم كثيراً ..
وما تلذذتم بالنساء على الفرش ..
ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله تعالى ) ..
ومعنى الحديث : لو علمتم ما أعلم ..
من عظمته جلَّ في علاه ..
وانتقامه ممن يعصيه ..
لطال بكاؤكم ، وحزنكم ، وخوفكم مما ينتظركم ..
ولما ضحكتم أصلاً ..

يا مدمن الذنب أما تستحي
غرك من ربك إمهاله
الله في الخلوة ثانيك
وستره طول مساويك

اسمع فضيحة العصاة يوم القيامة ..
اسمع فضيحة العصاة يوم القيامة ..
{ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}..
إياك ..
والاغترار بحلمه وكرمه ..
فكم قد استدرج من عاصي ..
وقصم من جبَّار وظالم ..
إذا همت النفس بالمعصية ..
فذكرها بنظر الله ..
لا يكن الله أهون الناظرين إليك ..
لا يكن الله أهون الناظرين إليك ..
إذا خلوت يوماً بريبة
فقل لها استحي من نظر الإله
والنفس داعية إلى العصيان
إنَّ الذي خلق الظلام يراني

الله ..الله ..
في مراقبة الحق جل في علاه..
الله ..الله ..
في الخلوات ..
الله ..الله ..
في البواطن ..
الله ..الله ..
في النيات ..
فإنَّ عليكم من الله عيناً ناظرة ..
{ فسبحان الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ..} ..
{ فسبحان الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ ، وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } ..
راقب العواقب تسلم لا تمل مع الهوى فتندم
أين لذة المعصية !!..
أين تعب الطاعة !!..
رحل كلٌ بما فيه ..
رحل كلٌ بما فيه ..
فليت الذنوب إذا تخلَّت خلَّت ..
إن كنت تعتقد أنه لا يراك ..
إن كنت تعتقد أنه لا يراك ..
فما أعظم كفرك !!..
وإن كنت تعصيه مع علمك باطلاعه عليك ..
فما أشد وقاحتك !!..
فما أشد وقاحتك !!..
وما أقل حياك !!..
اقبل الموعظة ..
اعمل بالنصيحة ..
لأنه من أعرض عن الموعظة فقد رضي بالنار { فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ ، كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ ، فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ ، بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَى صُحُفاً مُّنَشَّرَةً ، كَلَّا بَل لَا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ ، كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ ، فَمَن شَاء ذَكَرَهُ ، وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ } ..
يا مسكين ..
بأي بدن ستقف بين يدي الله !..
وبأي لسان ستجيب !..
أعدَّ للسؤال جواباً ..
وللجواب صواباً ..
فما أعددت للنجاة ..
من عظيم عقاب الله ..
وأليم عذابه ..
لا يندفع ذلك إلا ..
بحصن التوحيد ..
وخندق الطاعات ..

اللهم أحينا مسلمين ، وتوفنا مسلمين ، وألحقنا بالصالحين ..
اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة ..
ونسألك قول الحق في الرضا والغضب ..
ونسألك القصد في الفقر والغنى ..
ونسألك الرضا بعد القضا ، وبرد العيش بعد الموت ..
ونسألك لذة النظر إلى وجهك ، والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ، ولا فتنة مضلة ..
اللهم زينا بزينة الإيمان ، واجعلنا هداة مهتدين يا ربَّ العالمين ..
اللهم إنك ترى ما حلَّ بأخواننا في العراق ، وما حلَّ بأخواننا في فلسطين ، وما حلَّ بهم في الشيشان ، وأفغانستان ..
اللهم إنك ترى مكانهم ، وتسمع كلامهم ..
رحماك بهم ..
يا أرحم الراحمين ..
اللهم رحماك بالأطفال الرضّع ، ورحماك بالشيوخ الركّع ، رحماك بالبهائم الرتّع.
اللهم إنهم خائفون فأمنهم .. اللهم إنهم خائفون ..اللهم إنهم مظلمون ..
اللهم انصر من نصرهم ..
اللهم اخذل من خذلهم ..
اللهم لا تدع للكافرين ..
قوة في الأرض إلا دمرتها ..
ولا قوة في السماء إلا أسقطتها ..
ولا قوة في البحر إلا أغرقتها ..
اللهم سلط عليهم ما خرج من الأرض ..
وما نزل من السماء ..
اللهم اقلب عليهم البحر ناراً ..
وال
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sonnati.forummaroc.net
 
الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
سنتي الضائعة :: الفئة الأولى :: المنتدى الاسلامي :: الرقائق :: محاضرات الشيخ خالد الراشد-
انتقل الى: