Admin Admin
المساهمات : 248 تاريخ التسجيل : 06/06/2011 العمر : 49
| موضوع: احذروا السحر والسحرة الأربعاء يونيو 08, 2011 5:06 pm | |
| الحمد لله وحده والصّلاة والسّلام على من لا نبيّ بعده.
أما بعد: فإن خير الجهاد وأفضله القيام على أعداء الدّين والوقوف في نحورهم كالسّحرة والكهان والمشعوذين فقد استطار شررهم وعظم أمرهم وكثر خطرهم فآذوا المؤمنين وأدخلوا الرّعب على حرماتهم غير مبالين، وقد توعد الله المجرمين بسقر وما أدراك ما سقر، فقد أخبر الله في كتابه العزيز أن السّاحر كافرٌ فقال: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} [البقرة: 102].
وإلى كفر السّاحر وخروجه من الدّين ودخوله في سلك أصحاب الجحيم ذهب جماهير العلماء من فقهاء الحنفية واالمالكية والحنابلة وقد ذكر الشّيخ الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- أنّ السّحر أحد نواقض الإسلام وقال: ومنه الصّرف والعطف.
والصّرف عمل السّحر لصرف من يحب إلى بغضه. والعطف عمل السّحر لعطف من يبغض إلى حبّه من زوجٍ وغيره ويسميه أهل الفجور دواء الحبّ وهو في الحقيقة الهلاك والعطب.
فالحذر الحذر من السّحرة والكهان والمنجمين والعرافين وأهل الشّعوذة المخالفين لما بعث الله به نبينا محمّد -صلّى الله عليه وسلم- فإنّهم يفسدون ولا يصلحون، ويضرّون ولا ينفعون.
ومن ثمّ اتّفق الصّحابة -رضي الله عنهم- على قتل السّاحر والسّاحرة لعظم شرّهم وكثرة خطرهم وبعدهم عن الإيمان وقربهم من الشّيطان فعند أبي داود بسندٍ صحيحٍ من طريق سفيان عن عمرو بن دينار عن بجالة بن عبده قال: جاءنا كتاب عمر -رضي الله عنه- قبل موته بسنة: "اقتلوا كلّ ساحرٍ" [رواه أبو داود وصححه الألباني 3043]..
وصحّ عن حفصة -رضي الله عنها- أنّها أمرت بقتل جاريةٍ لها سحرتها. رواه عبد الله بن الإمام أحمد من حديث ابن عمر.
وصحّ قتل السّاحر أيضًا عن جندب.
ولا يُعلم لهؤلاء مخالف، فكان قتل السّاحر كالإجماع بين الصّحابة -رضي الله عنهم- وقد كثر السّحر في هذا العصر وتساهل الكثير في الذّهاب إليهم وطلب الشّفاء على أيديهم ويزعمون أن هذا من فعل الأسباب وهذا منكرٌ عظيمٌ وخطرٌ مدلهم كبير يخلخل العقائد ويزعزع الإيمان.
وقد جاء في صحيح الإمام مسلم من طريق يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن عمر العمري عن نافع عن صفية عن بعض أزواج النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم- قال: «من أتى عرافًا فسأله عن شيءٍ لم تقبل له صلاة أربعين ليلة» [رواه مسلم 2230].
والسّاحر بمنزلة الكاهن فمن سأله عن شيءٍ لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، وأمّا إن صدّقه بما يقول فهذا كافرٌ بما أُنزل على نبيّنا محمّدٌ -صلّى الله عليه وسلم- لما روى الحاكم بسندٍ صحيحٍ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-: «من أتى عرافًا أو كاهنًا فصدّقه بما يقول؛ فقد كفر بما أنزل على محمّدٍ» [صححه الألباني 3047 في صحيح التّرغيب].
وعند البزار بسندٍ صحيحٍ عن أبن مسعود موقوفًا قال: «من أتى عرافًا أو ساحرًا أو كاهنًا، فسأله فصدّقه بما يقول؛ فقد كفر بما أنزل على محمّدٍ» [صححه الألباني 3048 في صحيح التّرغيب].
وأما زعم بعض النّاس بأن هذا سبب فهذا غلط؛ لأنّ هذا السّبب غير شرعيّ ومخالفٌ للثّابت عن النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم- فقد جاء عند أبي داود بسندٍ حسنٍ من طريق عقيل أبن معقل قال: سمعت وهب بن منبه يحدث عن جابر بن عبد الله أنّ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم- سُئل عن النّشرة، فقال: «هو من عمل الشّيطان» [رواه أبو داود 3868 وصححه الألباني].
والنّشرة حلّ السّحر عن المسحور فإذا كان حلّه عن طريق السّحر فالحديث صريح بالمنع وبالله العجب كيف يجوز حلّ السّحر عند السّحرة وقد أجمع الصّحابة -رضي الله عنهم- على قتلهم فالمسلم مأمورٌ بقتل السّحرة ولم يؤذن له بالتّداوي عندهم، وأمّا إن كان حلّ السّحر عن طريق الرّقي الشّرعيّة بكلام الله وكلام رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- والأدوية المعروفة فهذا مشروع لقوله -تعالى-: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء: 82]. و(من) هنا بيانية فالقرآن كله شفاءٌ ودواءٌ لكلّ داءٍ فمن آمن به وأحلّ حلاله وحرّم حرامه انتفع به انتفاعًا كبيرًا، ومن صدق الله في قصده وإرادته شفاه الله -تعالى- وعافاه من دائه وعلى المبتلى به ملازمة الدّعاء والتّضرع لربّ الأرض والسّماء وتحري أوقات الإجابة كثلث الليل الآخر والسّجود وبين الأذان والإقامة فهذه الأوقات أحرى في الإجابة من غيرها وهذا دواء من اُبتلى بالسّحر.
وأما من عافاه الله منه ولم يُصب به فعليه بالاحتراز منه واتقاء شره بالأذكار المأثورة الثّابتة عن النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم- والمحافظة عليها صباحًا ومساءً وقراءة المعوذتين وآية الكرسي دبر كلّ صلاةٍ وإن تيسر التّصبح بسبع تمراتٍ من تمر العجوة فهذا سبب شرعيّ وحصنٌ حصينٌ من كل ساحرٍ مريدٍ ففي الصّحيحين وغيرهما من حديث عامربن سعد عن سعد -رضي الله عنه- أن النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم- قال: «من تصبح بسبع تمراتٍ عجوة، لم يضرّه ذلك اليوم سمّ ولا سحر» [رواه البخاري 5769 ومسلم 2047]. وقد اشترط كثيرٌ من أهل العلم إلى أن لفظ العجوة خرج مخرج الغالب فلو تصبح بغير تمر العجوة نفع وهذا قولٌ قويٌّ وإن كنت أقول إنّ تمر العجوة أكثر نفعًا وتأثيرًا وبركةً إلا أن هذا لا يمنع التّأثير في غيره، والله المسؤول أن ينصر دينه ويُعلي كلمته وأن يبعث لدينه ناصرًا يأخذ على أيدي السّحرة والكهان والمنجمين وغيرهم من المفسدين في الأرض وصلّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
كتب في 21/1/1471 هـ بقلم فضيلة الشّيخ سليمان بن ناصر العلوان -حفظه الله تعالى- | |
|